إن جميع أوجه النشاطات الطلابية ليست بالشيء الجديد، فهي قديمة قدم
المدارس ذاتها، حيث نلاحظ من الناحية التاريخية أن تلك الأنشطة كانت تمارس
كجزء أساسي من المناهج التعليمية في المدارس الإغريقية والرومانية. حيث
إشتهرت المدارس الإغريقية/اليونانية بالألعاب الرياضية المختلفة وكذلك
بأنواع متعددة من الفنون كالموسيقى والخطابة والتمثيل...إلخ. كما أن العرب
قبل وبعد الإسلام إهتموا بالعديد من النشاطات والألعاب، حتى أن بعض
المفكرين ( كالإمام الغزالي) أكدوا على أهمية إعطاء النشء الفرصة
لممارسة العديد من النشاطات بعد الإنتهاء من التعليم.
في عام
1774م أسس جان بيسداو مدرسة حب الإنسانية في المانيا وخصص ثلاث ساعات
يومياً للأنشطة التعليمية والترويحية والبدنية، وساعتان للأعمال اليدوية.
وفي عام 1869م تم إنشاء أول مدرسة تجريبية في مدينة شيكاغو بالولايات
المتحدة الأمريكية، والتي أسسها المفكر التربوي جون ديوي على أساس التعليم
بالأداء من خلال النشاط والفاعلية، وذلك بغرض إزالة الملل الذي يصيب
التلاميذ والناجم عن التركيز على الدراسة النظرية الجافة، بالإضافة إلى
أهمية النشاط البدني. وقد كان يطلق على هذا النشاط ( نشاط خارج المنهج )،
ولكنه وفي فترة وجيزة إتسعت مجالاته ليضم العديد من الأنشطة المختلفة
وأصبحت له العديد من الأهداف الثقافية والاجتماعية والنفسية والروحية
والبدنية ( الزيد، 1406هـ).
لقد مر النشاط المدرسي خلال تطوره بمراحل أربع هي:
(1) مرحلة التجاهل: كان التركيز على الجوانب العقلية من خلال المواد الدراسية النظرية، وتم تجاهل النشاطات المدرسية إلا ما ندر.
(2) مرحلة المعارضة:
كان هناك معارضة شديدة للنشاط من قبل إداراة المدرسة، للإعتقاد بأن تلك
الأنشطة تهدد الجو الأكاديمي وهي عبارة عن وسائل لإبعاد التلاميذ عن مهمتهم
الأساسية والمتمثلة في التحصيل العلمي. ( تزامن ذلك مع زيادة في عدد
النشاطات وزيادة في الإقبال عليها من قبل التلاميذ ).
(3) مرحلة التقبل:
كان هناك تقبل محدود لتلك النشاطات مع إعتبارها مناشط خارج المنهج ولكنها
أعتبرت جزءاً من وظيفة المدرسة، وهذا ساعد على إيجاد مكانة لتلك الأنشطة
داخل المدرسة.
(4) مرحلة الاهتمام:
كان لتطور النظريات التربوية من مرحلة الاهتمام بالمعلومات إلى مرحلة
الاهتمام بالنمو الشامل للتلاميذ يمثل مرحلة الإهتمام بالنشاط المدرسي. حيث
أعتبر النشاط ذو قيمة تربوية وله تأثير على نمو وتكوين شخصية التلميذ من
خلال ما يقدمه من خبرات، وبناءاً على ذلك إزداد الاهتمام بالتعليم عن طريق
الممارسة وأدمجت العديد من تلك الأنشطة في المناهج الدراسية.
الجدير بالذكر أن تطور النشاط المدرسي في ضوء المفهوم الشامل للمنهج لا
يعد فكرة حديثه، فقد أشار محمود (1998م) إلى أن النشاط المدرسي قديم قدم
التعليم حتى في الفترة التي لم يراعي المنهج فيها ميول التلاميذ ولا يعبأ
بحاجاتهم ولا يلتفت إلى اهتماماتهم، فهو ليس نتاجاً لخبرة المتعلم وإنما
تنظيم قائم على تطور العلوم، وعليه نادت فئة من المربين التربويين بمنهج
النشاط مما أدى إلى صراع بين مؤيديه ومؤيدي منهج المادة الدراسية، واستمر
هذا النزاع حتى أصدر جون ديوي كتابه " الطفل والمنهج " والذي من خلاله برهن
على خطأ طرفي الصراع ( لأن أنصار منهج المادة التقليدي أغفلوا حاجات
الطفل الطبيعية وقدموا ما يرونه مناسباً من وجهة نظرهم، في حين أسرف مؤيدو
منهج النشاط في الاهتمام بالقدرات الذاتيه التلقائية للطفل وأهملوا دور
النمذجة السلوكية وما يمكن أن يستفيده الطفل من خبرات ومشاركات الآخرين ).
والملاحظ أن وجهتي النظر غير متعارضتين وإنما متكاملتين حيت تضعا في
الإعتبار كلاً من الطفل والخبرة، وعليه اتخذ منهج النشاط مجالين أحدهما
قائم على ميول التلاميذ والآخر قائم على المواقف الإجتماعية